العظماء لا يموتون ترحل أجسادهم وتبقى أرواحهم ترفرف في كل الفضاءات، العظماء ينيرون مسارات الحياة للبقية ويكتبون أسمائهم بحبر الحب والدم في التاريخ، والراحل الفاضل الجزيري أحد عظماء الفن والتاريخ الثقافي لهذا البلد.
في هذا الاطار كرمت الدورة التاسعة والخمسين روح الكاتب والمخرج الفاضل الجزيري في سهرة الأحد 17 أوت 2025 بعرض فيلم "ثلاثون" الذي قدم لأول مرة في أيام قرطاج السينمائية دورة 2008.
بين تونس الوطن والفاضل الجزيري خيط شفاف لا يرى الا بالحب والتوغل عميقا في بحر التاريخ والجمال، الجزيري تونسي حدّ النخاع، أحب بلده واختار الفنون سلاحه ليدافع عن الذاكرة الجماعية فأبدع في تقديم الموروث الموسيقي وتجديده وصنع مسارا سينمائيا منفلتا يشبه جنونه وارتقى على الخشبة وترك في ذاكرة المسرحيين والجمهور صورة الممثل صاحب الكاريزما التي لا تقهر.
رحل الفاضل الجزيري في أوت 2025 تاركا خلفه رصيدا فنيا مبهرا..ترجل جسد الفاضل الجزيري، رحل المبدع المجدد بعد مسيرة 77سنة من معانقة سحر الفنون، رحل الجزيري الذي عرف المسرح طفلا في المدرسة الصادقية لينبهر بهذا العالم ثم يصبح من أهم رموزه في تونس.
"ثلاثون" تجربة سينمائية توثيقية أعادت إلى الواجهة فترة الثلاثينات والفيلم أخذ ست سنوات من البحث والكتابة, أهداه الجزيري لروح شركاء التجديد المسرحي الحبيب المسروقي ورجاء بن عمار وهشام بن عماد.
عرفت فترة الثلاثينات حراكا ثقافيا جد مميز، جيل تحت السور، علي الدوعاجي وابو القاسم الشابي وراوي القصة الطاهر الحداد، جيل الثائرين على القديم والرجعية والباحثين عن منافذ للتفكير والتجديد ومحاولة بناء مجتمع تونسي على أنقاض آخر مليء بالجهل، جيل سماه البشير صفر "جيل إرادة الحياة" عانى الكثير وحلم بتونس أفضل، والفاضل الجزيري المخرج المجدد قدم بأسلوبه التقني الفريد ملامح تلك الفترة.
فيلم "ثلاثون" كان بالابيض والأسود، جولة توثيقية في التاريخ التونسي، واستنطاق للذاكرة النضالية التونسية اعتمادا على مقاطع توثيقية للمؤتمر الأفخارستي مثلا أو الحراك النقابي.. الراوي كان شخصية الطاهر الحداد التي باحت بجزء من التاريخ الوطني المعاصر منذ اعتقال محمد علي الحامي أثناء الإعلان على تأسيس جامعة عموم العملة التونسيين، فنفيه ثم موته، وحضور أبو القاسم الشابي وقصائده الموجعة عن الحب والغربة بين الأهل بسبب العادات، فنقاشات علي الدوعاجي وسخريته من الظلم والجهل.
في الفيلم احالات إلى النضال السياسي لتلك الفترة والصراع الشعبي ضد الاستعمار الفرنسي، فترة الثلاثينات كانت ملحمة ثقافية نحت مسارها جماعة تحت السور بالدم والحلم، جيل قدم الكثير من النضالات لتحرير المجتمع التونسي فحرم الشابي من "الخيال الشعري عند العرب" بسبب تجرأه على الأجداد، وصودر كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" وتعرض بسببه الطاهر الحداد إلى ألوان شتى من العذاب، نفي محمود الماجري وسجن الحبيب بورقيبة وكتب الطفل "عصفور" دروسا في الشجاعة، بعض هذه التفاصيل شكلت جزء من هوية تونس اليوم استطاع الجزيري استنطاقها وتحويلها إلى تجربة سينمائية وانسانية عنوانها "ثلاثون".
الجزيري ممثل مسرحي مميز أحبه الجمهور في رائعة "غسالة النوادر" عام 1980, ثم "عرب"، في الموسيقى أعاد الفن الشعبي إلى المسارح من خلال تجربة "النوبة" عام 1991, ثم "الحضرة" في 1993 و 2018 و2022 وآخر عروضه الفرجوية كان "المحفل" في افتتاح مهرجان قرطاج الدولي سنة 2023، عرف الفاضل الجزيري ركح قرطاج حيا وقدم عليه أجمل ابداعاته واليوم روحه زينت المكان وأضفت سحرا على مسرح وجد ليكون ساحة للشجعان والفاضل الجزيري كان من أشجع فرسان الثقافة الوطنية.
العظماء لا يموتون ترحل أجسادهم وتبقى أرواحهم ترفرف في كل الفضاءات، العظماء ينيرون مسارات الحياة للبقية ويكتبون أسمائهم بحبر الحب والدم في التاريخ، والراحل الفاضل الجزيري أحد عظماء الفن والتاريخ الثقافي لهذا البلد.
في هذا الاطار كرمت الدورة التاسعة والخمسين روح الكاتب والمخرج الفاضل الجزيري في سهرة الأحد 17 أوت 2025 بعرض فيلم "ثلاثون" الذي قدم لأول مرة في أيام قرطاج السينمائية دورة 2008.
بين تونس الوطن والفاضل الجزيري خيط شفاف لا يرى الا بالحب والتوغل عميقا في بحر التاريخ والجمال، الجزيري تونسي حدّ النخاع، أحب بلده واختار الفنون سلاحه ليدافع عن الذاكرة الجماعية فأبدع في تقديم الموروث الموسيقي وتجديده وصنع مسارا سينمائيا منفلتا يشبه جنونه وارتقى على الخشبة وترك في ذاكرة المسرحيين والجمهور صورة الممثل صاحب الكاريزما التي لا تقهر.
رحل الفاضل الجزيري في أوت 2025 تاركا خلفه رصيدا فنيا مبهرا..ترجل جسد الفاضل الجزيري، رحل المبدع المجدد بعد مسيرة 77سنة من معانقة سحر الفنون، رحل الجزيري الذي عرف المسرح طفلا في المدرسة الصادقية لينبهر بهذا العالم ثم يصبح من أهم رموزه في تونس.
"ثلاثون" تجربة سينمائية توثيقية أعادت إلى الواجهة فترة الثلاثينات والفيلم أخذ ست سنوات من البحث والكتابة, أهداه الجزيري لروح شركاء التجديد المسرحي الحبيب المسروقي ورجاء بن عمار وهشام بن عماد.
عرفت فترة الثلاثينات حراكا ثقافيا جد مميز، جيل تحت السور، علي الدوعاجي وابو القاسم الشابي وراوي القصة الطاهر الحداد، جيل الثائرين على القديم والرجعية والباحثين عن منافذ للتفكير والتجديد ومحاولة بناء مجتمع تونسي على أنقاض آخر مليء بالجهل، جيل سماه البشير صفر "جيل إرادة الحياة" عانى الكثير وحلم بتونس أفضل، والفاضل الجزيري المخرج المجدد قدم بأسلوبه التقني الفريد ملامح تلك الفترة.
فيلم "ثلاثون" كان بالابيض والأسود، جولة توثيقية في التاريخ التونسي، واستنطاق للذاكرة النضالية التونسية اعتمادا على مقاطع توثيقية للمؤتمر الأفخارستي مثلا أو الحراك النقابي.. الراوي كان شخصية الطاهر الحداد التي باحت بجزء من التاريخ الوطني المعاصر منذ اعتقال محمد علي الحامي أثناء الإعلان على تأسيس جامعة عموم العملة التونسيين، فنفيه ثم موته، وحضور أبو القاسم الشابي وقصائده الموجعة عن الحب والغربة بين الأهل بسبب العادات، فنقاشات علي الدوعاجي وسخريته من الظلم والجهل.
في الفيلم احالات إلى النضال السياسي لتلك الفترة والصراع الشعبي ضد الاستعمار الفرنسي، فترة الثلاثينات كانت ملحمة ثقافية نحت مسارها جماعة تحت السور بالدم والحلم، جيل قدم الكثير من النضالات لتحرير المجتمع التونسي فحرم الشابي من "الخيال الشعري عند العرب" بسبب تجرأه على الأجداد، وصودر كتاب "امرأتنا في الشريعة والمجتمع" وتعرض بسببه الطاهر الحداد إلى ألوان شتى من العذاب، نفي محمود الماجري وسجن الحبيب بورقيبة وكتب الطفل "عصفور" دروسا في الشجاعة، بعض هذه التفاصيل شكلت جزء من هوية تونس اليوم استطاع الجزيري استنطاقها وتحويلها إلى تجربة سينمائية وانسانية عنوانها "ثلاثون".
الجزيري ممثل مسرحي مميز أحبه الجمهور في رائعة "غسالة النوادر" عام 1980, ثم "عرب"، في الموسيقى أعاد الفن الشعبي إلى المسارح من خلال تجربة "النوبة" عام 1991, ثم "الحضرة" في 1993 و 2018 و2022 وآخر عروضه الفرجوية كان "المحفل" في افتتاح مهرجان قرطاج الدولي سنة 2023، عرف الفاضل الجزيري ركح قرطاج حيا وقدم عليه أجمل ابداعاته واليوم روحه زينت المكان وأضفت سحرا على مسرح وجد ليكون ساحة للشجعان والفاضل الجزيري كان من أشجع فرسان الثقافة الوطنية.
رضا الزعيبي